June 15, 2009
صحيح البخاري – كتاب أحاديث الأنبياء – باب 34
باب (34) قول الله تعالى وإلى مدين أخاهم شعيبا أحاديث الأنبياء صحيح البخاري
باب قول الله تعالى
وإلى مدين أخاهم شعيبا
إلى أهل مدين لأن مدين بلد ومثله
واسأل القرية
واسأل العير يعني أهل القرية وأهل العير
وراءكم ظهريا
لم يلتفتوا إليه يقال إذا لم يقض حاجته ظهرت حاجتي وجعلتني ظهريا قال الظهري أن تأخذ معك دابة أو وعاء تستظهر به مكانتهم ومكانهم واحد
يغنوا
يعيشوا
تأس
تحزن
آسى
أحزن وقال الحسن
إنك لأنت الحليم
يستهزئون به وقال مجاهد ليكة الأيكة
يوم الظلة
إظلال الغمام العذاب عليهم
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( بَاب قَوْل اللَّه تَعَالَى : وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا )
هُوَ شُعَيْب بْن ميكيل بْن يشجر بْن لَاوِي بْن يَعْقُوب , كَذَا قَالَ اِبْن إِسْحَاق وَلَا يَثْبُت . وَقِيلَ : يشجر بْن عنقا بْن مَدْيَن بْن إِبْرَاهِيم . وَقِيلَ : هُوَ شُعَيْب بْن صفور بْن عنقا بْن ثَابِت بْن مَدْيَن . وَكَأَنَّ مَدْيَن مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيم لَمَّا أُحْرِقَ . وَرَوَى اِبْن حِبَّانَ فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ الطَّوِيل ” أَرْبَعَة مِنْ الْعَرَب : هُود وَصَالِح وَشُعَيْب وَمُحَمَّد ” فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنْ الْعَرَب الْعَارِبَة . وَقِيلَ : إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَنَزَة بْن أَسَد , فَفِي حَدِيث سَلَمَة بْن سَعِيد الْعَنَزِيّ ” أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَسَبَ إِلَى عَنَزَة فَقَالَ : نِعْمَ الْحَيّ عَنَزَة مَبْغِيّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ رَهْط شُعَيْب وَأَخْتَان مُوسَى ” أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ , وَفِي إِسْنَاده مَجَاهِيل .
قَوْله : ( إِلَى أَهْل مَدْيَن , لِأَنَّ مَدْيَن بَلَد وَمِثْله ( وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ – وَاسْأَلْ الْعِيرَ )
يَعْنِي أَهْل الْقَرْيَة وَأَهْل الْعِير ) هُوَ قَوْل أَبِي عُبَيْدَة قَالَهُ فِي تَفْسِير سُورَة هُود .
قَوْله : ( وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ , وَيُقَال إِذَا لَمْ تَقْضِ حَاجَته ظَهَرَتْ حَاجَتِي وَجَعَلَتْنِي ظِهْرِيًّا قَالَ : الظِّهْرِيّ أَنْ تَأْخُذ مَعَك دَابَّة أَوْ وِعَاء تَسْتَظْهِر بِهِ )
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله : ( وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ) أَيْ أَلْقَيْتُمُوهُ خَلْف ظُهُوركُمْ فَلَمْ تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ , وَتَقُول لِلَّذِي لَا يَقْضِي حَاجَتك وَلَا يَلْتَفِت إِلَيْهَا : ظَهَّرْت بِحَاجَتِي وَجَعَلْتَهَا ظِهْرِيَّة أَيْ خَلْف ظَهْرك , قَالَ الشَّاعِر : وَجَدْنَا بَنِي الْبَرْصَاء مِنْ وَلَد الظَّهْر أَيْ مِنْ الَّذِينَ يُظَهِّرُونَ بِهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِمْ .
قَوْله : ( مَكَانَتهمْ وَمَكَانهمْ وَاحِد )
هَكَذَا وَقَعَ , وَإِنَّمَا هُوَ فِي قِصَّة شُعَيْب ( مَكَانَتِكُمْ ) فِي قَوْله : ( وَيَا قَوْمُ اِعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) , ثُمَّ هُوَ قَوْل أَبِي عُبَيْدَة قَالَ فِي تَفْسِير سُورَة يس فِي قَوْله : ( مَكَانَتهمْ ) الْمَكَانُ وَالْمَكَانَة وَاحِد .
قَوْله : ( يَغْنَوْا يَعِيشُوا )
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله تَعَالَى : ( كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ) أَيْ لَمْ يَنْزِلُوا فِيهَا وَلَمْ يَعِيشُوا فِيهَا , قَالَ : وَالْمَغْنَى الدَّار , الْجَمْع مَغَانِي , يَعْنِي بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة .
قَوْله : ( تَأْسَ تَحْزَن , آسَى أَحْزَن )
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله : ( فَكَيْف آسَى ) أَيْ أَحْزَن وَأَنْدَم وَأَتَوَجَّع , وَالْمَصْدَر الْأَسَى , وَأَمَّا قَوْله : ” تَأْسَ تَحْزَن ” فَهُوَ مِنْ قَوْله تَعَالَى لِمُوسَى : ( فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْم الْفَاسِقِينَ ) وَذَكَره الْمُصَنِّف هُنَا اِسْتِطْرَادًا .
قَوْله : ( وَقَالَ الْحَسَن : إِنَّك لَأَنْتَ الْحَلِيم الرَّشِيد يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ )
وَصَلَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق أَبِي الْمَلِيح عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ بِهَذَا , وَأَرَادَ الْحَسَن أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِعَارَة التَّهَكُّمِيَّة وَمُرَادهمْ عَكْس ذَلِكَ .
قَوْله : ( وَقَالَ مُجَاهِد : لَيْكَة الْأَيْكَة , يَوْم الظُّلَّة إِظْلَال الْعَذَاب عَلَيْهِمْ )
وَصَلَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( كَذَّبَ أَصْحَاب لَيْكَةِ ) كَذَا قَرَأَهَا , وَهِيَ قِرَاءَة أَهْل مَكَّة اِبْن كَثِير وَغَيْره , وَفِي قَوْله : ( عَذَاب يَوْم الظُّلَّة ) قَالَ : إِظْلَال الْعَذَاب إِيَّاهُمْ .
( تَنْبِيه ) :
لَمْ يَذْكُر الْمُصَنِّف فِي قِصَّة شُعَيْب سِوَى هَذِهِ الْآثَار , وَهِيَ لِلْكُشْمِيهَنِيّ وَالْمُسْتَمْلِي فَقَطْ . قَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى قِصَّته فِي الْأَعْرَاف وَهُود وَالشُّعَرَاء وَالْعَنْكَبُوت وَغَيْرهَا , وَجَاءَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى أُمَّتَيْنِ : أَصْحَاب مَدْيَن وَأَصْحَاب الْأَيْكَة , وَرَجَّحَ بِأَنَّهُ وَصَفَ فِي أَصْحَاب مَدْيَن بِأَنَّهُ أَخُوهُمْ بِخِلَافِ أَصْحَاب الْأَيْكَة وَقَالَ فِي أَصْحَاب مَدْيَن ( أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة – وَالصَّيْحَة ) وَفِي أَصْحَاب الْأَيْكَة ( أَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ) وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ أَصْحَاب مَدْيَن هُمْ أَصْحَاب الْأَيْكَة , وَأَجَابُوا عَنْ تَرْك ذِكْر الْأُخُوَّة فِي أَصْحَاب الْأَيْكَة بِأَنَّهُ لَمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَيْكَة وَوَقَعَ فِي صَدْر الْكَلَام بِأَنَّهُمْ أَصْحَاب الْأَيْكَة نَاسَبَ أَنْ لَا يَذْكُر الْأُخُوَّة , وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُغَايَرَة فِي أَنْوَاع الْعَذَاب إِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَة فِي الْمُعَذَّبِينَ فَلْيَكُنْ الَّذِينَ عُذِّبُوا بِالرَّجْفَةِ غَيْر الَّذِينَ عُذِّبُوا بِالصَّيْحَةِ , وَالْحَقّ أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ جَمِيع ذَلِكَ , فَإِنَّهُمْ أَصَابَهُمْ حُرّ شَدِيد فَخَرَجُوا مِنْ الْبُيُوت فَأَظَلَّتْهُمْ سَحَابَة فَاجْتَمَعُوا تَحْتهَا فَرَجَفَتْ بِهِمْ الْأَرْض مِنْ تَحْتهمْ وَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَة مِنْ فَوْقهمْ , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى الْأَيْكَة فِي التَّفْسِير إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
Leave a Reply